الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم النبيين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد: فقد ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - قال: اشتكى سعد بن عبادة شكوى له فأتاه النبي - صلى الله عليه وسلم - يعوده مع عبدالرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص وعبدالله بن مسعود رضي الله عنهم، فلما دخل عليه فوجده في غاشية أهله فقال:" قد قضى" قالوا: لا يا رسول الله فبكى النبي - صلى الله عليه وسلم - فلما رأى القوم بكاء النبي - صلى الله عليه وسلم - بكوا فقال:« أَلاَ تَسْمَعُونَ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُعَذِّبُ بِدَمْعِ الْعَيْنِ، وَلاَ بِحُزْنِ الْقَلْبِ، وَلَكِنْ يُعَذِّبُ بِهَذَا - وَأَشَارَ إِلَى لِسَانِهِ - أَوْ يَرْحَمُ وَإِنَّ الْمَيِّتَ يُعَذَّبُ بِبُكَاءِ أَهْلِهِ عَلَيْهِ » (1).
وقد اختلف العلماء في الإجابة عن هذا الحديث على ثمانية أقوال، وأقربها إلى الصواب قولان: الأول: ما ذهب إليه الجمهور(2)، وهو محمول على من أوصى بالنوح عليه، أو لم يوصِ بتركه، مع علمه بأن الناس يفعلونه عادةً، ولهذا قال عبدالله بن المبارك إذا كان ينهاهم في حياته ففعلوا شيئاً من ذلك بعد وفاته، لم يكن عليه شيءٌ)، والعذاب عندهم بمعنى العقاب.
الثاني: أن معنى « يُعَذَّبُ » أي يتألم بسماعه بكاء أهله ويرق لهم ويحزن، وذلك في البرزخ، وليس يوم القيامة؛ وإلى هذا ذهب محمد بن جرير الطبري وغيره، ونصره ابن تيمية، وابن القيم وغيرهما؛ وقالوا وليس المراد أن الله يعاقبه ببكاء الحي عليه، والعذاب أعم من العقاب كما في قوله - صلى الله عليه وسلم -:« الْسَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنْ الْعَذَابِ »، وليس هذا عقاباً على ذنب، وإنما هو تعذيب وتألم)(3).
ورجـح هذا القول الإمام القـرافي (ت:684هـ) - رحمه الله تعالى - فقالوهذا الوجه عندي هو الفرق الصحيح، ويبقى اللفظ على ظاهره، ويستغنى عن التأويل، وتخطئة الراوي، وما ساعده الظاهر من الأجوبة كان أسعدها، وأولاها)(4).
قال الإمام النووي(ت:676هـ) - رحمه الله تعالى - وإلى هذا ذهب محمد بن جرير الطّبري وغيره. وقال القاضي عياض: وهو أولى الأَقوال, واحتجوا بحديث فيه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - زجر امرأة عن البكاء على أبيها وقال: « إِنَّ أَحَدَكُمْ إِذَا بَكَى اسْتَعْبَرَ لَهُ صُوَيْحِبَهُ فَيَا عِبَادَ اللَّهِ لا تُعَذِّبوا إِخْوَانَكُمْ » (5). وقد حكى النووي - رحمه الله تعالى - إجماع العلماء على اختلاف مذاهبهم، على أن المراد بالبكاء الذي يعذب الميت هو البكاء بصوت ونياحة، لا بمجرد دمع العين(6). والله تعالى أعلم وأحكم
هام جداً: قوانين المساهمة في المواضيع. انقر هنا للمعاينة
احترم مواضيع الآخرين ليحترم الآخرون مواضيعك لا تحتكر الموضوع لنفسك بإرسال عدة مساهمات متتالية عند طرح موضوع يجب أن تتأكد أن عنوان الموضوع مناسب او لا تحل بحسن الخلق و بأدب الحوار و النقاش لا تنس أن اختلاف الرأي لا يفسد للود قضية, فلا تتهجم على عضو بدعوى أنه لا يشاطرك الرأي ان قطعت عهدآ مع عضو فأوفي بوعدك لأنه دين عليك إن حصل خلاف بينك و بين عضو حول مسألة ما فلا تناقشا المشكله على العام بل على الخاص ان احترمت هذه الشروط البسيطة, ضمنت حقوقك و عرفت واجباتك. و هذه افضل طريقة تضمن بها لنفسك ثم لمساهماتك و مواضيعك البقاء و لمنتداك الإزدهار في موقعنا إدارة معهد خدمة العرب